قوله تعالى: {ويوم نحشرهم جميعاً} قال ابن عباس: يُجمع الكفار وآلهتهم. {ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم} أي: آلهتكم. قال الزجاج: {مكانكم} منصوب على الأمر، كأنهم قيل لهم: انتظروا مكانكم حتى نفصل بينكم، والعرب تتوعَّد فتقول: مكانك، أي: انتظر مكانك، فهي كلمة جرت على الوعيد.قوله تعالى: {فزيَّلنا بينهم} وقرأ ابن أبي عبلة: {فزايلنا} بألف، قال ابن عباس: فرَّقنا بينهم وبين آلهتهم. وقال ابن قتيبة: هو من زال يزول وأزلته. وقال ابن جرير: إِنما قال {فزيلنا} ولم يقل: فزلنا لإرادة تكرير الفعل وتكثيره.فإن قيل: كيف تقع الفرقة بينهم وهم معهم في النار، لقوله: {إِنكم وما تعبدون من دون الله حَصَب جهنم} [الأنبياء: 98]؟فالجواب: أن الفرقة وقعت بتبّري كل معبود ممن عبده، وهو قوله: {وقال شركاؤهم}، قال ابن عباس: آلهتهم، يُنْطِق الله الأوثان، فتقول: {ماكنتم إِيانا تعبدون} أي: لا نعلم بعبادتكم لنا، لأنه ما كان فينا روح، فيقول العابدون: بلى قد عبدناكم، فتقول الآلهة: {فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم إِن كنا عن عبادتكم لغافلين} لا نعلم بها. قال الزجاج: {إِن كنا} معناه: ما كنا إِلا غافلين.فإن قيل: ما وجه دخول الباء في قوله: {فكفى بالله شهيداً}؟فعنه جوابان.أحدهما: أنها دخلت للمبالغة في المدح كما قالوا: أَظْرِفْ بعبد الله، وأنبل بعبد الرحمن، وناهيك بأخينا، وحسبك بصديقنا، هذا قول الفراء وأصحابه.والثاني: أنها دخلت توكيداً للكلام، إِذ سقوطها ممكن، كما يقال: خذ بالخطام، وخذ الخطام، قاله ابن الأنباري.